محمد الضيف: ذو السبع أرواح الذي واجه الموت حتى غلبه
محمد الضيف، هو أحد القادة العسكريين البارزين في حركة حماس، الجناح العسكري الفلسطيني، وأحد أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في السياسة الإقليمية. وُلد في قطاع غزة في العام 1965، وترعرع في بيئة صعبة مليئة بالصراعات المستمرة بين الفلسطينيين وإسرائيل. منذ شبابه، كان الضيف مهتمًا بالقضية الفلسطينية، وانخرط في النشاطات الوطنية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
تدرج محمد الضيف في صفوف حركة حماس حتى أصبح من الشخصيات القيادية التي شكلت معالم استراتيجية الحركة في مواجهة إسرائيل. اشتهر الضيف بلقب "رجل الظل"، وذلك بسبب تمسكه بالسرية والابتعاد عن الأضواء الإعلامية. ورغم محاولات الاغتيال العديدة التي تعرض لها من قبل الجيش الإسرائيلي، إلا أن الضيف ظل على قيد الحياة واستمر في قيادة الجناح العسكري لحماس. وقد جعلته هذه المقاومة رمزًا للشجاعة والصمود في مواجهة الاحتلال.
دوره في حركة حماس
منذ انضمامه إلى حركة حماس في أوائل التسعينيات، أصبح الضيف جزءًا مهمًا من الجناح العسكري "كتائب عز الدين القسام". كان له دور رئيسي في تنظيم العديد من العمليات العسكرية ضد الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك الهجمات الصاروخية والتفجيرات في داخل الأراضي المحتلة. استطاع الضيف أن يُحافظ على تنظيم كتائب القسام على الرغم من الضغوط العسكرية والسياسية الكبيرة.
كما أنه كان جزءًا من المخططين الرئيسيين للعديد من العمليات العسكرية الكبرى مثل عملية "الرصاص المصبوب" في 2008 وعملية "عمود السحاب" في 2012. كانت استراتيجيته تعتمد على استنزاف القوى العسكرية الإسرائيلية من خلال الهجمات المستمرة والمباغتة.
محاولات اغتياله
منذ أن أصبح الضيف قائدًا بارزًا في حركة حماس، تعرض لعدة محاولات اغتيال من قبل الجيش الإسرائيلي. كانت أبرز محاولات الاغتيال في عام 2002، عندما استهدفته غارة جوية إسرائيلية أسفرت عن إصابته إصابات بالغة. ووفقًا لما ذكرته تقارير فلسطينية، فقد نجح الضيف في النجاة من عدة محاولات قتل أخرى، وهو ما أكسبه شهرة كبيرة وزاد من تقديره في أوساط الشعب الفلسطيني. ويُعتبر الضيف بمثابة رمز للمقاومة والصمود في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية.
استراتيجية الضيف العسكرية
اتبع الضيف استراتيجية عسكرية تهدف إلى تقليص الفجوة التكنولوجية والعسكرية بين إسرائيل وحركة حماس. كانت هذه الاستراتيجية تقوم على تعزيز القدرة على شن الهجمات من خلال استغلال النقص في الأسلحة المتطورة. اعتمد الضيف على تحسين قدرات الحركات العسكرية التقليدية مثل الأنفاق والصواريخ محلية الصنع كأداة رئيسية في المقاومة.
كما أنه في إطار تكتيكاته، كان الضيف يركز على أهمية البعد الأمني، حيث قام بتطوير شبكة معقدة من الأنفاق والهياكل السرية التي ساعدت في حماية البنية التحتية العسكرية لحركة حماس وتخزين الأسلحة. وقد أسهم هذا في تعزيز قدرة حماس على الصمود طويلاً في مواجهة الهجمات الإسرائيلية.
الجانب الإنساني
رغم كونه قائدًا عسكريًا، إلا أن الضيف يتمتع بشعبية كبيرة في الأوساط الفلسطينية بفضل اهتمامه بالقضايا الإنسانية للشعب الفلسطيني. وبالرغم من الحصار والضغوط التي يواجهها القطاع، سعى الضيف لتقديم الدعم للمواطنين في غزة والعمل على تحسين ظروفهم المعيشية في ضوء الحروب المستمرة. لطالما اعتبره الفلسطينيون "أسطورة" في صموده، حيث تعكس شخصيته القوة والعزيمة أمام التحديات الكبيرة.
الجدل السياسي
يُعتبر محمد الضيف من الشخصيات المثيرة للجدل على المستوى الدولي. فبينما يُعتبر بطلاً في نظر الكثير من الفلسطينيين، إلا أنه في نظر إسرائيل والعديد من الدول الغربية يُعتبر إرهابيًا بسبب دوره في قيادة العمليات العسكرية ضد المدنيين في إسرائيل. وقد صرح الضيف مرارًا وتكرارًا أن هدفه هو "تحرير الأرض الفلسطينية" واستعادة الحقوق التي يرونها مغتصبة من قبل إسرائيل.
ورغم هذه الآراء المتباينة حوله، إلا أن الضيف ظل حريصًا على الابتعاد عن السياسة اليومية لحركة حماس، تاركًا بذلك المجال للمسؤولين السياسيين. ورغم تحركاته العسكرية، إلا أنه دائمًا ما يركز على دور الشباب الفلسطيني في النضال ضد الاحتلال، وكان يوجه لهم العديد من الرسائل الداعمة للمقاومة الشعبية.
كما يُعد محمد الضيف شخصية بارزة في التاريخ المعاصر للفلسطينيين، ومن الشخصيات التي شكلت معالم استراتيجية المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي. يعتبره الفلسطينيون رمزًا للنضال والمقاومة، فيما يُعَتَبر في العديد من الدول الغربية شخصية مثيرة للجدل. رغم محاولات الاغتيال العديدة التي تعرض لها، إلا أنه لا يزال صامدًا في قيادة كتائب عز الدين القسام، ويواصل دوره البارز في كفاح الشعب الفلسطيني من أجل الحرية والكرامة.