العرب 24
نوفمبر 21 2024 الخميس
جمادى أول 20 1446 هـ 11:57 صـ

باكستان.. كيف امتلكت الدولة المسلمة السلاح النووي وهل منحته للسعودية ومصر؟

باكستان
باكستان

باكستان هي البلد المسلم الوحيد في العالم حالياً، وقد نجحت رسمياً في تصنيع قنبلة نووية وامتلاك برنامج نووي للأغراض العسكرية، وذلك رغم معارضة العالم. كانت قد بذلت جهوداً كبيرة، حتى تناولت من حشائش الأرض لتحقيق ذلك، ونجحت في الحصول على ما أرادت. قوتها لا تقف عند امتلاكها للقوة النووية التدميرية، بل تمتلك أيضاً واحدة من أقوى القوات الخاصة في العالم، المصنفة ضمن العشر الأوائل. علاوة على ذلك، تعد استخباراتها وفقاً للعديد من التصنيفات من الأقوى في العالم، إن لم تكن الأقوى. في هذا الفيديو، نستعرض قوة باكستان العسكرية وكيف بنت هذه القوة، وطريقها نحو النووي والتفوق العسكري.

باكستان هي أول جمهورية إسلامية في التاريخ، وتضم أكثر من 200 مليون مسلم، مما يجعلها ثاني أكبر تجمع للمسلمين حول العالم. حاربت طويلاً للحصول على الاستقلال، ومن ثم أطلقت مشاريعها العملاقة، حيث تصدر 75% من كرات القدم للعالم. وهي أول دولة إسلامية تحصل على الطاقة النووية، وتضم أحد أكبر المساجد في العالم. خاضت حرباً عنيفة ضد الهند ولا تزال تعيش توتراً معها حتى اليوم.

لم تعرف باكستان بهذا الاسم منذ القدم، فقد كانت جزءاً مما يسمى بشبه القارة الهندية. وعندما دخل الإسلام إلى تلك المنطقة، كتب لباكستان أن تكون مسلمة. منذ القدم، كانت هناك صلات تجارية كبيرة بين شبه القارة الهندية وشبه الجزيرة العربية، وكان الطرفان على علم بأخبار بعضهما بقوة. وعندما دخل الإسلام إلى شبه الجزيرة العربية، تأثر سكان القارة الهندية سريعاً، ودخل بعضهم الإسلام دون عناء، لكن بقيت الأغلبية الكبرى تتبع ديانات أخرى حتى فتحت بلاد السند في عهد الدولة الأموية، وذلك عندما أطلق الحجاج بن يوسف الثقفي جيشاً بقيادة محمد بن القاسم إلى السند، وذلك بأمر من الوليد بن عبد الملك. وبعد ثلاث سنوات من المناوشات، تمكن القاسم من فتح إقليم السند ونشر الإسلام بين الهندوس ليصبح جزءاً من معتقداتهم الدينية. جاء التأثير الأقوى في عهد الدولة التيمورية التي حكمت شبه القارة الهندية لثلاثة قرون، وحاول سلطانها جلال الدين محمد أكبر منع الفتن الطائفية بين الهندوس والمسلمين، لكنه لم ينجح بشكل كامل، وبقي التوتر قائماً بين الطرفين.

خضعت شبه القارة الهندية سريعاً للاحتلال البريطاني، وكانت البداية باسم شركة الهند الشرقية، والتي قيل إنها عبارة عن مشروع تجاري، لكنها سرعان ما أعطت صلاحياتها لملكية إنجلترا، لتحول الشركة إلى مؤسسة تحكم الولايات الهندية وتسيطر عليها، وذلك بدعم عسكري وسياسي من الإمبراطورية البريطانية. مع أوائل القرن العشرين، بدأت حركات التحرر والاستقلال بالظهور، وكان من أهمها حزب المؤتمر القومي الهندي، الذي جمع في بدايته العديد من زعماء الهند المسلمين والهندوس. إلا أن زعماء المسلمين سرعان ما تكشفوا نوايا بعض القيادات الهندوسية في الحزب، وذلك من خلال عدة أمور، كان أبرزها معارضتهم إبقاء اللغة الأردية لغة رسمية في المناطق الشمالية الغربية من الهند، والتي يتكلم غالبية سكانها لغة الأوردو.

وعلى هذا الأساس خرج أحمد خان، وهو من كبار رجال الإصلاح المسلمين، ليحث مسلمي الهند على عدم ترك الاشتراك في حزب المؤتمر، ومن ثم قام بتأسيس المؤتمر التعليمي الإسلامي الذي أنبثق عنه حزب الرابطة الإسلامية، الذي أخذ على عاتقه قيام دولة خاصة للمسلمين. كما قرر محمد علي جناح، وهو سياسي إسلامي بارز، قطع علاقته بحزب المؤتمر القومي الهندي نهائياً في عام 1920 بعد أن شغل منصب سكرتير رئيس الحزب، ليترأس حزب الرابطة الإسلامية ويبدأ مطالبته بتشريعات تضمن للمسلمين حماية دينهم ولغتهم. كما صعد مطالبه في اجتماع للرابطة بمدينة لاهور عام 1940، حيث دعا فيه إلى تقسيم شبه القارة الهندية إلى كيانين هما السند وباكستان، على أن تضم الأخيرة كل مسلم. عرف هذا الإعلان فيما بعد بإعلان لاهور، ولقي هذا الإعلان تأييداً واسعاً من قبل المسلمين. كما وقعت العديد من المصادمات بين المسلمين والهندوس في أوائل الأربعينيات، الأمر الذي جعل بريطانيا بالإضافة إلى حزب المؤتمر القومي الهندي يوافقان على إجراء عملية تقسيم الهند.

أما المهاتما غاندي، صاحب فلسفة لا للعنف، فقد وجه له جناح رسالة يبرر فيها موقفه ويدعوه إلى احترام فكرته بأن المسلمين الهنود يشكلون أمة بكل مقوماتها، ولا بد لهم من إنشاء كيانهم المستقل. رد عليه المهاتما غاندي محاولاً إقناعه بالعدول عن توجهاته، كما اقترح على جناح منصب رئيس أول جمهورية في الهند المتحدة، لكن جناح رفض ذلك. لم يستسلم غاندي، فبدأ يدعو إلى الوحدة الوطنية بين الهندوس والمسلمين وطلب من الأغلبية الهندوسية بشكل خاص احترام حقوق الأقلية المسلمة. لكنه لم يفشل فحسب، وإنما قادت دعواته هذه إلى اغتياله بتهمة الخيانة العظمى. وفي النهاية، نجح محمد علي جناح في إقناع الجميع بدولة باكستان المستقلة، وبالفعل حصلت باكستان على استقلالها في الرابع عشر من أغسطس عام 1947، لتكون بذلك أول جمهورية إسلامية في التاريخ.

منذ عام 1958 وحتى عام 1997، شهدت باكستان انقلابات عدة وتوترات كبيرة انتهت باغتيال سياسية حزب الشعب الباكستاني التي شغلت منصب رئيس الوزراء عدة مرات. فقد جرت انتخابات عام 2008، فاز فيها حزب الشعب بأغلبية المقاعد وتولى يوسف رضا جيلاني عضو الحزب منصب رئيس الوزراء. في أغسطس من ذات العام، استقال برويز مشرف من منصبه كرئيس للبلاد، وذلك بعد تهديده بتوجيه اتهامات بالفساد، وتولى بعده الرئيس آصف علي زرداري. كما تم تنحية يوسف رضا جيلاني عن منصبه كرئيس للوزراء بقرار من المحكمة العليا الباكستانية في يونيو 2012. لكن البلاد عاشت حالة من الاستقرار والهدوء منذ انتخابات عام 2008، كما كان لباكستان مشاركة في الحرب على الإرهاب كلفتها 67.93 مليون دولار والآلاف من الضحايا وحوالي ثلاثة ملايين نازح.

التزام باكستان الديني

يعيش المجتمع الباكستاني حالة من الالتزام الديني، حيث تنتشر المساجد بكثرة في البلد. وفقاً لأحدث الإحصائيات، وصل عدد المساجد في باكستان إلى أكثر من 120 ألف مسجد. كما يلتزم سكانها بالتعاليم الدينية مثل الصلاة والصيام، حيث تضم باكستان 97% من سكانها المسلمين، وتعتبر ثاني أكبر تجمع للمسلمين حول العالم. من بين المساجد الكبيرة في باكستان، يوجد مسجد الملك فيصل في إسلام آباد، والذي افتتح عام 1986، ويكفي لاستقبال ما يفوق المئة ألف مصل.

يبقى الاختلاف الرئيسي بين سكان باكستان والعرب هو اللغة، إذ أن نصف السكان تقريباً هم من البنجاب، وبالتالي فإن اللغة البنجابية هي اللغة الوطنية والأكثر انتشاراً، حيث يتحدث بها 39% من الباكستانيين كلغة أولى. بالإضافة إلى ذلك، هناك عدد من اللغات الأخرى التي يتحدث بها بعض السكان، مثل الأوردية، والصينية، والبلوشية.

تعيش البلاد حالة من التطور الكبير، وسجلت باسمها العديد من الإنجازات العالمية، أبرزها حصولها على جائزتين نوبل وامتلاكها للطاقة النووية. وبالتأكيد، قوتها العسكرية التي سببت للهند صداعاً طويلاً منذ استقلالها، لتبقى القوة الإسلامية المرعبة في آسيا.

في عام 1965، قال الرئيس الباكستاني ذو الفقار بوتو: "إذا صنعت الهند قنبلة نووية، فسوف نأكل العشب وأوراق الشجر ونجوع إن لزم الأمر لكي نحصل على القنبلة الخاصة بنا." فعلاً، حصلت الهند على قنبلتها النووية، وحصلت باكستان على قنبلتها، وأصبح النووي في البلدين علاقة. فمن هنا، وقبل الخوض في غمار الرحلة لكلا الجارين اللدودين، نذكركم بالاشتراك بالقناة وتفعيل زر الجرس والتنبيهات لتصلكم كل جديد.

في رحلة الهند وباكستان إلى النووي، وفي عام 1947، اجتمع مجلس العموم البريطاني وقرر منح أكبر مستعمرات استقلالها وتقسيمها. كان قراراً سريعاً وثنائياً، وخلال خمسة أسابيع تم الاتفاق على التقسيم. كان هناك أربعة ملايين نسمة يعيشون في شبه القارة الهندية، أكثر من 220 مليون منهم كانوا من الهندوس، وقرابة 100 مليون كانوا من المسلمين. لذا، اقترح البريطانيون تقسيمها بين المسلمين والهندوس، وعلى عجل تم رسم الحدود، وتم التغاضي عن مقاطعة تدعى كشمير حيث كانت غالبية سكانها من المسلمين بينما حكمها هندوسي.

فتركت المقاطعة لحظها ونصيبها، في حين كان يحكم الهند جواهر لال نهرو الذي رفض فكرة التقسيم عن بكرة أبيها. لكن الموقف التاريخي للنزاع بين البلدين دفع كليهما للتفكير بامتلاك سلاح دمار شامل. حيث جرت حربان شاملتان، الأولى في عام 1965، والتي لم تسفر عن تغيير ما أسفرت عنه الحرب الأولى، والحرب الثانية في عام 1971، التي أسفرت عن تقسيم باكستان إلى بلدين: باكستان وبنجلاديش.

ما تلاه بعد ذلك هو توقف الحروب، حيث لم يعد الأمر مجرد نزهة عسكرية يموت فيها مئات أو آلاف، فكلاهما بات يمتلك نوعاً من السلاح القادر على مسح مدن بأكملها. وكانت البداية مع الهند، التي كانت من أولى الساعين لامتلاك هذه القدرات. بعد استقلال الهند بعام، أصدرت دلهي قانون الطاقة الذرية، وفي العام الذي تلاه شكلت لجنة للطاقة النووية. في عام 1950، أنشأت وحدة أبحاث لذات الأمر، وفي عام 1954 تم إنشاء هيئة الطاقة الذرية الهندية. بعدها بعام واحد فقط، أطلقت أولى مفاعلاتها النووية لأغراض سلمية بمساعدة فرنسية وبريطانية، وفي العام نفسه أنشأت مفاعلاً آخر بمساعدة من كندا.

في عام 1957، بنت مصنعاً لإنتاج اليورانيوم المخصب من خامات محلية، ليأتي عام 1964 وتمتلك دلهي تكنولوجيا تصنيع النووي. صمتت الهند لمدة 10 سنوات قبل أن تفاجئ العالم بتفجير أولى صواريخها النووية. لاحقاً، تطورت قدراتها أكثر، وفاجأت العالم أكثر وأكثر في عام 1998 حين أجرت خمسة تفجيرات نووية في أيام قليلة. ومن الدول التي دعمت الهند في رحلتها النووية: بريطانيا، وفرنسا، وكندا، والولايات المتحدة، وحتى الاتحاد السوفيتي، وخليفته روسيا. الجميع وقف وراء تدعيم برنامج دلهي النووي، رغم مطالبهم بتفكيكه، ولا نغفل دور إسرائيل، لكن كل ذلك كان بعد إصرار الهنود على تحصين أنفسهم وامتلاك القدرات النووية التدميرية.

البرنامج النووي الهندي كلف دلهي الكثير سياسياً واقتصادياً، لكنها نجحت حتى الآن واجتازت الصعب، وباتت من الدول المتقدمة عسكرياً واقتصادياً، وهي تستعد للمنافسة عالمياً. أدرك أهلها منذ البداية أن هذا العالم لا يفهم إلا لغة القوة ولا يسمح لدولة بالبروز على الساحة ما لم تكن أسلحتها، والنووي على رأس هذه الأسلحة. لذا، استحقت الهند بعد طريق طويل امتلاك ما تمتلكه، وهي ذاتها القوة التي استخدمت لردع الجار اللدود في باكستان، حيث الصراع الأزلي الذي لن ينتهي.

وقبل الحديث عن طريق باكستان إلى نوويها، وعن باكستان، قد تبدو الرحلة أكثر صعوبة، وقصة النجاح أكثر تشويقاً. في إمكانيات إسلام آباد، كانت أقل مما تمتلكه دلهي بكثير، كذلك نظرة العالم لها مختلفة، فهي بلد بغالبية مسلمة لا يأمن جانبها أحد في عالم عانى طويلاً مما يسمى "الإسلام فوبيا". وعلى عكس الهند، التي كان عراب برنامجها النووي مؤسسات وليس أفراد، في باكستان كان العراب عالماً يعتبر في بلاده ثروة قومية، هو عبد القدير خان، الذي كان عالماً في المعادن يعمل في الغرب، وعاد إلى وطنه عام 1975 ليجد إدارة سياسية تسبقه بسنوات ساعات امتلاك الأسلحة الذرية.

كانت باكستان قد بدأت بعمليات تكديس للوقود اللازم للأسلحة النووية من اليورانيوم المخصب والبلوتونيوم، لكن دون تحقيق أي تقدم. وكما فعلت دول أخرى منذ الستينات، طرحت إسلام آباد فكرة امتلاك نووي سلمي، واستعانت على ذلك بدول أوروبية لبّت النداء، لكنها سرعان ما انسحبت بعد أن أشتمت رائحة عسكرية من نوايا إسلام آباد. وظلت باكستان وحيدة حتى جاءت الصدمة في عام 1974 بعد تفجير دلهي أولى قنابلها.

في هذه اللحظة، كان لابد لإسلام آباد من وقفة، وجاءت عبر ابنائها، العالم الشاب الذي كان يعيش في معامل هولندا ويدعى عبد القدير خان. أرسل خان رسالة لرئيس حكومته ذو الفقار بوتو، يحثه فيها على سرعة امتلاك قنبلة نووية للرد على الهند. سارع بوتو لتلقف الرسالة، وفي عام 1975، جُلب خام من أمستردام، لكنه لم يأتِ وحده، بل جاء يحمل أسرار التكنولوجيا النووية التي اتهمت هولندا لاحقاً بسرقتها من معاملها. لكن الرجل لم يبالي، فخدم بلاده وشعبه كانت الأولوية.

فعلاً، في عام 1976، أنشأ الرجل أولى معامل الهندسة البحثية في مدينة كاهوتا القريبة من مدينة راولبندي، وبدأ بتكوين شبكة دولية من علماء ومؤسسات وحتى دول لتسهيل إطلاق برنامج بلاده الذري. في هذا، وقفت عدة دول مع باكستان، حيث كانت الصين، التي تعادي الهند، من الدول المتهمة بنقل تكنولوجيا إسلام آباد، كذلك السعودية التي قيل إنها مولت المشروع عبر دعمها الاقتصادي لباكستان، وذلك عقب فرض الغرب عقوبات على البلد المسلم الطامح لأن يصبح نووياً. كما استخدم خان كل من جنوب أفريقيا وماليزيا لتصنيع مكونات قنبلته، وساعده بنقلها إلى بلاده، إمارة دبي التي كانت مركز الشحن.

بدأت تتسرب أنباء عن قرب امتلاك الباكستانيين لأولى قنابلهم النووية، ما دفع الهند عام 1986 لحشد قواتها على الحدود للانقضاض على جارتها قبل أن تصبح قادرة على الرد. لكن إسلام آباد تصرفت بذكاء وسعت لإرباك الهنود، حيث أرسلت شخصية اجتماعية باكستانية للخروج والتصريح بأن بلادهم قد اكتسبت قنبلة نووية، لتخوف الهند. ثم قامت بمحاكمته سوريا بتهمة إفشاء الدولة لتأكيد الخبر. خلال هذه الفترة، كان خان يواصل الليل بالنهار لكي تصبح هذه الأخبار حقيقة، وفعلاً، في خريف عام 1986، حدث أول تفجير نووي باكستاني تحت سطح الأرض. قيل لإسلام آباد من الأصدقاء "ألف مبروك، فقد أصبحتم أعضاء في نادي الدول النووية". وباتت باكستان أول بلد إسلامي يمتلك هذه القوة المدمرة.

ولأن كثيراً من دول العالم، وتحديداً الغرب، حاربوا برنامج باكستان، كما وجهت لها اتهامات غربية على نقل هذه التكنولوجيا إلى دول تعادي الغرب، فكانت كوريا الشمالية أحداها، وتلك قصة أخرى.

كذلك اتهم خام بنقل خبراته إلى كل من إيران وليبيا. وهذه دول سنتحدث عنها لاحقاً بشكل مفصل وشامل، حيث سنحكي كيف كان طريقها لامتلاك النووي. لكن على الرغم من ذلك، لم تبالِ باكستان باتهامات الغرب، بل ظلّت ماضية في تنقية برنامجها. وكان الرد الأقوى في العام 1998 حين فجرت الهند خمسة تجارب نووية، فردت إسلام آباد بإجراء ستة تجارب نووية، وهو ما كاد يتسبب بحرب شاملة في عام 1999، حين جرت مناوشات بين البلدين على ذات القضية، كشمير، التي أفردت لها أيضاً وكالة ستيب وثائقياً يحكي قصتها الكاملة. ولم تقف رحلة باكستان النووية عند هذا الحد، فقد ذكرت مجلة ذا ناشيونال إنترست مؤخراً أن إسلام آباد قد تصبح ثالث أقوى قوة نووية في العالم، وهذا يعني الكثير لأبناء البلد الذين يتحملون العقوبات السياسية والاقتصادية، والانقلابات، واغتيال رؤساء الحكومات لأجل عيون النووي. حتى إسرائيل، البعيدة عنهم، سعت جاهدة لعرقلة جهود الباكستانيين لتطوير سلاحهم النووي، خشية تسريبه لدول عربية أو إسلامية أخرى، وتلك قصة أخرى سنرويها في هذه السلسلة حين نتطرق لكل من مصر والسعودية وأحلامهم النووية، فترقبونا.

الكوماندو سي الباكستاني

قال الرئيس الروسي ذات مرة إنه إذا كان لديه أبناء الجيش الباكستاني والأسلحة الروسية، فإن ذلك سيمكنه من غزو العالم كله، لأنهم، أي الباكستانيين، في غاية الشجاعة. هذا الكلام للرئيس الروسي نقله موقع العربية ومواقع عدة أخرى في معرض حديثهم عن واحدة من أقوى القوات الخاصة في العالم، أو الكوماندوس، والمعروفة في باكستان باسم مجموعة الخدمات الخاصة (SSG).

في تقرير لموقع، والذي نشر تقريراً عن أقوى عشر قوات خاصة في العالم، احتلت المرتبة الأولى القوات الخاصة التابعة للبحرية الأمريكية (SEAL). وفي المرتبة الثانية حلت قوات القوارب الخاصة البريطانية، وثالثاً القوات الجوية الخاصة البريطانية أيضاً (SAS)، ورابعاً القوات الخاصة الإسرائيلية (سييريت ماتكال). وفي المرتبة الخامسة جاءت وحدة العمليات الخاصة الفرنسية، وجاءت القوات الروسية (الفا) في المرتبة السادسة، وسابعاً اتحاد العمليات الخاصة الإسبانية. والمرتبة الثامنة ذهبت للمجموعة الخاصة للخدمات الباكستانية (SSG)، متفوقة بذلك على مجموعة دلتا الأمريكية التي حلت التاسعة، ووحدة مكافحة الإرهاب والعمليات الألمانية (GSG 9) التي حلت عاشراً.

وبالنظر للقائمة، فإن جميع من فيها من قوات خاصة هي تابعة لدول وجيوش غربية بالإضافة إلى إسرائيل وروسيا، والبلد الآسيوي الوحيد الذي يزاحم هؤلاء هو باكستان، فضلاً عن كونه البلد المسلم الوحيد الذي تتربع قواته الخاصة في قائمة العشرة الأقوياء. فما هي هذه المجموعة الخاصة للخدمات (SSG)؟

في باكستان، تعرف باسم "اللقالق السوداء"، وهي طيور مهاجرة تزور باكستان في الموسم الشتوي، ونسبة إليها تعرف هذه المجموعة الخاصة الباكستانية، وذلك بسبب شكل قبعات الكوماندوس الفريدة. وقد تشكلت هذه القوات الخاصة العام 1956، وتتبع النمط الغربي، خاصة البريطاني والأمريكي، وذلك بحكم أنها تلقت تدريباتها الأولى على يد القوات الأمريكية الخاصة. وتوقع تشكيلاتها في 24 فرقة، لكل فرقة تخصص واختصاص، فهناك الفرقة الصحراوية مثلاً، والفرقة الجبلية أيضاً، وفرقة الحراس، وفرقة متخصصة بالقتال تحت الماء، وفرقة موسى التي تحولت لفرقة مكافحة الإرهاب والتي كانت فيما مضى متخصصة بشق البحار، ولذلك سميت تيمناً بالنبي موسى عليه السلام الذي شق البحر بعصاه.

وقد استفادت باكستان من الحرب الباردة لتمويل وتدريب وتسليح جيشها عموماً وهذه الفرقة على وجه التحديد، بحكم كونها مختصة أكثر بالمهام الخارجية، فكانت أشهر عملياتها خارج حدود باكستان إبان الحرب السوفياتية على الجارة أفغانستان، وتمكنت (SSG) حينها من العمل داخل الأراضي الأفغانية وخلف الخطوط السوفياتية، حيث صلحت ودربت المقاومة الأفغانية التي أدمت القوات الغازية. كما لم تقتصر مهمتها هنا، فهي في الأصل أنشئت لأجل حرب باكستان الأزلية مع الهند، فكانت واحدة من أخطر مهامها هي الدخول إلى كشمير المحتلة من قبل الهند، هناك أيضاً سلحت الحركات المقاومة ودربتها، وأكثر من ذلك نفذت عمليات ضد الهند. واحدة من أشهر هذه العمليات أطلق عليها اسم "جبل طارق"، وكانت العام 1965، وفيها تم تدمير منشآت هندية عسكرية في ولاية جامو وكشمير، وخرجت القوات الباكستانية من هذه العملية بسلام. كما شاركت (SSG) بالحروب الهندية الباكستانية، ومن عملياتها الحساسة أيضاً كانت دخولها إلى سريلانكا، جارة الهند الجنوبية، حيث عملت على تأسيس الكوماندوس السريلانكي أو فرقة المغاوير، ما أكسب هذه الفرقة تحديداً سمعة كبيرة، وباتت تلجأ إليها دول عدة لمساعدتها إما في التدريب والتسليح أو حتى مشاركتها في عمليات خاصة.

كان منها مشاركتها في عملية تحرير الحرم المكي العام 1979، وأيضاً وصلت حدود المشاركة لهذه القوات إلى تنفيذ عمليات سرية إبان حرب البوسنة والهرسك، وفي الصومال وحتى سيراليون. كما تمكنت العام 1986 من تحرير طائرة أمريكية اختطفت في باكستان، وأيضاً من أبرز عملياتها وأهمها كانت حين اختطفت جماعة إرهابية حافلة مدرسية العام 1994، وفيها قرابة 74 طفلاً وثمانية معلمين. حينها تمكن الكوماندوس الباكستاني من تحرير 57 طالباً وقتل الخاطفين. وفي العام 1998، خطفت طائرة باكستانية وتمكنت القوات الخاصة من تحرير الطائرة دون إصابة أي من ركابها بأي ضرر، وتم القبض على الخاطفين، فيما اعتبرت عملية نوعية على مستوى العالم. وفي العام 2009، نجحت هذه القوات في إحباط هجوم على أكاديمية للشرطة في لاهور، وفي نفس العام هاجمت مجموعة إرهابية مقراً للجيش الباكستاني، واختطفت قرابة 42 رهينة، حينها تمكنت من تحرير 39 رهينة من أصل 42، وقتلت نصف الخاطفين واعتقلت البقية. كل هذه العمليات وغيرها مما هو غاية في السرية ولم يكشف عنه جعلت المجموعة الخاصة للخدمات واحدة من أقوى القوات العالمية. سيما أن التدريب الذي تلقاه يعد الأكثر صعوبة في العالم، فمثلاً إحدى التدريبات يتمثل بالسير مسافة 60 كيلومتراً في مدة لا تتجاوز 12 ساعة، وثمانية كيلومترات في 50 دقيقة بكامل العتاد على الظهر، ما يرفع من كفاءة المقاتلين المنتمين لهذه القوات وللقوات المسلحة الباكستانية عموماً، التي جعلت دولة كباكستان تصمد في محيط هو الأكثر سخونة في العالم.

وإلى الجنوب من هذا البلد تقع واحدة من أكبر دول العالم وتربطها بباكستان عداوة طويلة الأمد، وإلى الشرق أيضاً من باكستان هناك الصين، الوحش القادم من بعيد وأكبر بلاد العالم، وإلى الشمال تتربع روسيا والتي يحكمها الرجل الحالم بإعادة مجد الإمبراطورية، وإلى الغرب الدولة الفارسية بثوبها الشيعي التوسعي. أما الجارة الملاصقة للحدود فهي بركان وسط آسيا، بلاد الأفغان، محيط ملتهب وبلاد تستعد للانقضاض على الطرف الأضعف. لذا كان لابد لهذا البلد، أي باكستان، من بناء قوة لا يُستهان بها، ولن يُستهان بها، فهي باتت قادرة على فرض نفسها في العالم كله. ويذكر هنا قول شهير للرئيس الراحل لوكالة الاستخبارات الباكستانية القوية، الجنرال حميد غول، والذي ذكر متباهياً أن التاريخ سيسجل أن وكالة الاستخبارات الباكستانية بمساعدة أمريكا هزمت الاتحاد السوفيتي، وأضاف أيضاً أن المؤرخين سيذكرون أن الاستخبارات الباكستانية بمساعدة أمريكا هزمت أمريكا.

في حين كان عناصر الاستخبارات الأمريكية والبريطانية يجوبون العالم شبراً شبراً بحثاً عن أسامة بن لادن، كان عناصر الاستخبارات الباكستانية يشربون معه الشاي. وفي حين استنفرت روسيا والصين لتأمين حدودها مع أفغانستان بعد وصول طالبان للحكم، كانت عناصر من طالبان هي من تعمل على تأمين حدود باكستان، والسبب: مخابرات باكستان، أقوى أجهزة الاستخبارات في العالم، والتي تشكل هاجساً للهند، ورعباً في وسط آسيا، ونداً لأقوى أجهزة استخبارات الغرب.

جهاز المخابرات الباكستاني

بحسب كثير من التصنيفات، يتصدر جهاز الاستخبارات الباكستاني، وتحديداً "الإي إس آي"، المرتبة الأولى عالمياً من بين أجهزة الاستخبارات الأخرى حول العالم، متفوقاً على أجهزة لها باع طويل في هذا المجال. فالعاملون في هذه المؤسسة، ومنذ بداياتها، كان قد وقع عليهم عبء فريد من نوعه، وهو أن يثبتوا للعالم أن لديهم قدرة على العمل الاستخباراتي بكفاءة، متفوقين على أمثالها من الأجهزة الكبيرة على مستوى العالم. ورغم ذلك، فهي تُعرف أكثر بكونها أقوى وأبرز جهاز استخبارات في العالم، وقد يكون أبرز سبب في ذلك هو قدرتها على التحرك السريع وكفاءة عملياتها، علاوة على تكتيكها المتقدم وتنوع عملياتها. وتعتمد على عنصر المفاجأة، فهو أحد أبرز ما يميزها، فضلاً عن تكتيك العمليات السريعة، فبعض التقارير تذكر أن عناصر "الإي إس آي" تمكنوا من تنفيذ عمليات أكثر دقة ونجاحاً من نظيراتها في المخابرات الأمريكية والبريطانية، من حيث قدرتها على تنفيذ عمليات في عمق أراضي العدو.

وقد تأسست هذه المخابرات عام 1948، أي بعد عام من استقلال باكستان، على يد كايد أزاد، أحد أبرز رجال المخابرات في تاريخ الهند، الذي قاد جهاز المخابرات الهندية في فترة الاستقلال، وتولى المنصب في باكستان بعد الانفصال، وأصبح عميداً للأمن الاستخباراتي الباكستاني، إلى أن تم تأسيس "الإي إس آي" بشكل رسمي، وذلك في العام 1948.

السمعة السيئة التي ترافق هذه المؤسسة دائماً ما تكون ناجمة عن أنه قد يكون لها دور في كثير من العمليات السرية على مستوى العالم، بالإضافة إلى عملها السري المحترف، وأيضاً تقاريرها التي نشرت عن نشاطاتها. فهي نالت سمعة قوية في أكثر من صعيد، أبرزها في دعمها للعمليات الثورية والإرهابية حول العالم، لاسيما في الدول المجاورة لها، وفي الكثير من تقارير الاستخبارات، بُعيد حادثة الحادي عشر من سبتمبر، ظهرت تقارير تشير إلى علاقة للجهاز بـ"القاعدة"، وبعض العمليات المعروفة مثل عملية اختطاف الأمريكيين التي نفذها أحد قادة حركة طالبان "الشيخ نصر الله"، وفيها ظهر عميل للمخابرات الباكستانية وتورطه في تلك العملية، وغيرها من الأمثلة.

ولم يقتصر هذا الدور على العمليات الثورية وحسب، بل إن المخابرات الباكستانية تدير أكثر من شبكة سرية متشعبة حول العالم، وتحديداً في بعض الدول القريبة منها كالهند وأفغانستان، ومن خلال هذه الشبكات، تنفذ عمليات سرية لدعم الحركات الثورية والجهادية المتشددة. وأيضاً كانت لها بصمات في دعم بعض الجماعات المتشددة في العراق وسوريا، وكثير من العمليات التي كانت باكستان وراءها، كما أن هناك تقارير عن دعم باكستان لعدة جماعات مسلحة أخرى في العديد من مناطق النزاع حول العالم.

حتى أن هناك تقارير قديمة عن وقوف المخابرات الباكستانية وراء محاولة اغتيال الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، حيث كانت التقارير تشير إلى وجود عملاء للمخابرات الباكستانية وراء هذه المحاولة، وكثير من العمليات السرية الأخرى التي كانت تستهدف قوات التحالف وتحديداً الأمريكية، وهو ما تسبب بأزمة دبلوماسية بين واشنطن وإسلام آباد. علاوة على ذلك، ارتبطت المخابرات الباكستانية بتمويلات ودعم بعض الجماعات المتشددة بشكل مباشر، وتحديداً التي تنتمي للمذهب السني، ما جعلها دوماً على صدام مباشر مع الغرب وساهم في استعداء الغرب لها. ولا يزال عملها السري يشكل محوراً هاماً من محاور الجدل حول دور باكستان في الساحة الدولية. ومع ذلك، فإن المخابرات الباكستانية، رغم كل ما يشاع عنها، تعد واحدة من أكثر أجهزة الاستخبارات كفاءة على مستوى العالم، ويتعين أخذها على محمل الجد في أي عملية استخباراتية عالمية.

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى20 نوفمبر 2024

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 49.6878 49.7875
يورو 52.4355 52.5457
جنيه إسترلينى 62.9345 63.0808
فرنك سويسرى 56.1063 56.2444
100 ين يابانى 31.8859 31.9560
ريال سعودى 13.2345 13.2618
دينار كويتى 161.4917 161.9211
درهم اماراتى 13.5267 13.5561
اليوان الصينى 6.8563 6.8705

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار سعر البيع سعر الشراء بالدولار الأمريكي
سعر ذهب 24 4297 جنيه 4274 جنيه $85.70
سعر ذهب 22 3939 جنيه 3918 جنيه $78.56
سعر ذهب 21 3760 جنيه 3740 جنيه $74.99
سعر ذهب 18 3223 جنيه 3206 جنيه $64.28
سعر ذهب 14 2507 جنيه 2493 جنيه $49.99
سعر ذهب 12 2149 جنيه 2137 جنيه $42.85
سعر الأونصة 133656 جنيه 132945 جنيه $2665.67
الجنيه الذهب 30080 جنيه 29920 جنيه $599.92
الأونصة بالدولار 2665.67 دولار
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى