خاص.. هل تندلع الحرب بين إسرائيل وحزب الله؟ الدكتور حسن نافعة يُجيب
تتصاعد في الأراضي المحتلة لهجة الحديث عن حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله الذي بات يؤرق مضاجع نتن ياهو وقادة جيشه الهزيل الذي لم يحقق بعد 9 أشهر أيًا من أهدافه في قطاع غزة المحاصر، بينما تكبد مئات القتلي وآلاف المصابين بين جنوده على أيدي عناصر المجاهدين في المقاومة الفلسطينية بالقطاع.
وشكل حزب الله جبهة دعم وإسناد قوية للمقاومة الفلسطينية شتت تركيزه الإجرامي على قطاع غزة واستهداف المدنيين الأبرياء هناك، وأظهرت هشاشته في اعتراض صواريخ الحزب التي أشعلت عشرات الحرائق الضخمة التي امتدت إلى أيام دون إخماد، بينما نجح الحزب في تدمير مئات المنازل في المغتصبات الحدودية مع الأراضي اللبنانية.
هيئة البث الإذاعي الخاضعة للاحتلال قالت: إن «جيش الاحتلال ينتظر الأمر السياسي بالتحرك إلى جبهة لبنان، وهو ما سيفرض عليه خفض تواجده العسكري في قطاع غزة، والاكتفاء فقط بعمليات قصف جوي بشكل رئيسي مع التركيز على الاغتيالات كهدف أساسي».
ومع تصريحات القادة الإسرائيليون عن قرب انتهاء العملية البرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، يتزايد الحديث عن اندلاع حرب شاملة في جبهة الشمال، التي تشهد الآن تصاعدًا في حدة الاشتباكات أكثر من أي وقت مضى.
تواصلنا مع الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، والذي وضع أمامنا السيناريو الأقرب للتطبيق على أرض الواقع حيال التصعيد الحالي بين حزب الله كبجهة مقاومة والاحتلال الإسرائيلي كقوة احتلال غاصبة للأراضي الفلسطينية، مشيرًا إلى احتمالات اندلاع الحرب الكبرى في الجبهة اللبنانية.
وأكد نافعة في حديثة مع «العرب 24»، أن دور حزب الله اللبناني بالذات كان حاسما في تحديد المسار الذي سلكه الصراع في هذه الجولة، مع عدم التقليل من أهمية الأدوار التي أدّتها جميع أطراف محور المقاومة في تقديم الدعم والمساندة العسكرية إلى حركة حماس ومواجهتها جيش الاحتلال في قطاع غزة.
وأفاد أستاذ العلوم السياسية بأنه إذا احتكمنا إلى الحسابات العقلانية وحدها، فسوف نصل إلى نتيجة مفادها ترجيح استبعاد خيار الحرب في الجبهة اللبنانية، نتيجة أسباب متعددة:-
أسباب استبعاد الحرب (العقلانية)
أول الأسباب: امتلاك حزب الله قوة نيران هائلة تمكنه من إلحاق دمار غير مسبوق بالقدرات العسكرية والاقتصادية وبالبنى التحتية للكيان الصهيوني، الأمر الذي يعني أن الدمار لن يكون مقتصرا على حزب الله أو على لبنان وحدهما، وإنما سيكون متبادلاً في جانبي المواجهة. وتشير مصادر إسرائيلية إلى أنه سيكون في مقدور حزب الله إطلاق ما يتراوح بين 2500 و3000 قذيفة صاروخية يومياً من مختلف الأنواع والأعيرة.
ثاني تلك الأسباب: صعوبة تصديق التقارير الإعلامية التي تؤكد حصول الكيان الصهيوني على ضوء أميركي أخضر لشن الحرب على حزب الله، وخصوصاً أن احتمال تحولها إلى حرب إقليمية شاملة ليس وارداً فحسب، وإنما هو مرجَّح أيضاً. ولأن إدارة بايدن تواجه مأزقاً مستحكماً في جبهة الحرب في أوكرانيا، كما تواجه في الوقت نفسه تحدياً استراتيجياً قاسياً في جبهة الصراع في بحر الصين الجنوبي، فسوف يكون من الحمق الشديد أن تسمح باندلاع حرب شاملة في منطقة لها فيها مصالح هائلة، لا شك في أنها ستصبح معرضة لخطر شديد، وتوجد فيها قواعد عسكرية أميركية متعددة، لا شك في أنها ستصبح معرضة للتدمير الجزئي أو الكلي، وخصوصاً في حال دخلت إيران طرفاً مباشراً في هذه الحرب.
والسبب الثالث: غياب أي تصور لمرحلة ما بعد "اليوم التالي"، لا في قطاع غزة ولا في جنوبي لبنان، ثم فإن عودة الكيان إلى احتلال كل من قطاع غزة وجنوبي لبنان، في ظل المعادلات الإقليمية والدولية الراهنة، هو ضرب من جنون مطبق، لن تستطيع أي حكومة صهيونية، مهما بلغت درجة غرورها، أن تتعامل مع كل ما يترتب عليه من آثار أو تداعيات.
الحرب والحكومة المتطرفة
وأردف نافعة، بأن أصحاب القول بأنه يصعب إخضاع تصرفات الكيان الصهيوني، وخصوصا في المرحلة الراهنة من مراحل تطوره، لأي نوع من الحسابات العقلانية، قولهم صحيح؛ فهو كيان تديره حاليًا حكومة شديدة العنصرية وشديدة التطرف، في الوقت نفسه، بل تعتقد أنها تملك من أدوات القوة والتفوق التكنولوجي ما يمكنها من سحق أعدائها في كل الجبهات، حتى لو اضطرت إلى استخدام السلاح النووي في مواجهتهم.
واختتم أستاذ العلوم السياسية بقوله: إنه من الحكمة ألّا نستبعد إقدامها على أي تصرف، مهما بلغت درجة جنوحه، بما في ذلك احتمال شن حرب شاملة على لبنان. صحيح أن خطوة كهذه تبدو مستبعدة كليا، وفقاً لأي حسابات عقلانية أو رشيدة، لكن المنطق يفرض على كل الأطراف العربية والإسلامية المنخرطة حالياً في الصراع مع الكيان الصهيوني أن تكون مستعدة لمواجهة مثل هذا الاحتمال، ليس لأنه كيان فاقد الرشد فحسب، بل أيضاً لأن إقدامه على خطوة كهذه قد يعجّل في نهايته.