ترامب يعلق المساعدات الخارجية لمدة 90 يومًا: تداعيات عالمية واسعة
في خطوة مفاجئة أثارت جدلًا واسعًا، قررت الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب تعليق جميع المساعدات الخارجية لمدة 90 يومًا، في إطار توجهه نحو تقليص التزامات الولايات المتحدة الدولية تحت شعار "أمريكا أولًا". القرار، الذي تم تسريبه عبر مذكرة رسمية من وزارة الخارجية، تسبب في اضطرابات كبيرة داخل البرامج الإنسانية والتنموية التي تمولها واشنطن حول العالم.
مساعدات بمليارات الدولارات قيد المراجعة
يخضع أكثر من 60 مليار دولار من المساعدات الأمريكية للمراجعة، حيث وجّه وزير الخارجية ماركو روبيو بإيقاف المشاريع الجارية مؤقتًا، بهدف تقييمها وفقًا لأهداف السياسة الخارجية الجديدة. وعلى الرغم من القرار الشامل، استثنت الإدارة الأمريكية كلًا من مصر وإسرائيل، حيث سيسمح باستمرار التمويل المخصص لهما، بالإضافة إلى إعفاء المساعدات الغذائية الطارئة من التجميد.
برامج حيوية مهددة بالتوقف
1. الصحة العالمية
مكافحة الإيدز (PEPFAR): يُعتبر البرنامج الأمريكي لمكافحة الإيدز واحدًا من أكبر المبادرات الصحية عالميًا، حيث يوفر العلاج لنحو 1.3 مليون شخص في كينيا وحدها، ويدعم جهود مكافحة الفيروس في جنوب إفريقيا وأوغندا وزيمبابوي. تعليق التمويل قد يؤدي إلى تراجع جهود السيطرة على المرض في هذه الدول.
مكافحة الملاريا: تعتمد دول مثل أنجولا، موزمبيق، والسنغال على الدعم الأمريكي لتمويل حملات الوقاية من الملاريا، من خلال توزيع الناموسيات المعالجة بالمبيدات وتوفير العلاجات اللازمة. وقف المساعدات قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات الوفاة جراء المرض، خاصة بين الأطفال
2. المساعدات الغذائية والإنسانية
تشكل المساعدات الغذائية الأمريكية شريان حياة لملايين النازحين في مناطق الأزمات مثل اليمن، إثيوبيا، وجنوب السودان. في السودان، تعتمد مخيمات النازحين على الدعم الغذائي الأمريكي، مما يجعل تعليق التمويل تهديدًا مباشرًا للأمن الغذائي في هذه المناطق.
3. برامج دعم الطاقة والتنمية الاقتصادية
كانت الولايات المتحدة قد تعهدت بضخ 4.7 مليار دولار لدعم مشروع الغاز الطبيعي المسال في موزمبيق، والذي كان من المتوقع أن يعزز الاقتصاد المحلي ويوفر فرص عمل. ومع تعليق المساعدات، تواجه البلاد مخاطر اقتصادية كبيرة، بحسب تقرير نشرته وكالة "بلومبرج".
4. التعليم والرعاية الصحية في نيجيريا
تتلقى نيجيريا مساعدات أمريكية تُقدر بنحو 370 مليون دولار لدعم القطاع الصحي، و310 ملايين دولار كمساعدات إنسانية، و24 مليون دولار لدعم التعليم. هذه الأموال تُستخدم في حملات تطعيم الأطفال، تحسين خدمات الرعاية الصحية، وتطوير المناهج الدراسية. وقف التمويل قد يؤدي إلى تراجع هذه القطاعات الأساسية.
قلق متزايد في أوكرانيا
في ظل استمرار الحرب ضد روسيا، تعتمد أوكرانيا على الدعم المالي والعسكري الأمريكي بشكل كبير. وعلى الرغم من تأكيدات الرئيس فولوديمير زيلينسكي بأن المساعدات العسكرية لن تتأثر، إلا أن البرامج المدنية والمالية التي تديرها وزارة الخارجية الأمريكية قد تواجه اضطرابات، مما يضع الحكومة الأوكرانية في موقف صعب وسط الحرب المستمرة.
انعكاسات القرار على السياسة الأمريكية
لطالما كانت السياسة الأمريكية تقوم على أن المساعدات الخارجية تساهم في تعزيز الأمن القومي، استقرار المناطق المضطربة، وتحسين العلاقات مع الشركاء الدوليين. لكن إدارة ترامب، مدعومة بموقف العديد من المشرعين الجمهوريين، ترى أن تقليص المساعدات سيتيح فرصة لإعادة توجيه الموارد إلى الداخل الأمريكي. ومع ذلك، يحذر خبراء ودبلوماسيون من أن هذا القرار قد يؤثر على النفوذ الأمريكي عالميًا، ويترك فراغًا قد تستغله قوى أخرى مثل الصين وروسيا.
يمثل تعليق المساعدات الخارجية الأمريكية خطوة غير مسبوقة في السياسة الخارجية لواشنطن، مع تداعيات واسعة تمتد من أفريقيا إلى أوروبا والشرق الأوسط. وبينما تسعى إدارة ترامب لإعادة تقييم التزاماتها الدولية.