حقوق الإنسان في مصر.. ما دلالات تعديل قانون الحبس الاحتياطي؟ اللواء عادل العمدة يُجيب (خاص)
تشهد جمهورية مصر العربية انفتاحًا كبيرًا في مجال الحريات بل وتغيير واقع معاش منذ خمسينيات القرن الماضي؛ بعد ما وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتعديل قانون الحبس الاحتياطي الذي كان يسمح بحبس المتهمين لمدة تصل إلى عامين وزيادة قبل أن يصدر بحقه حكمًا بالإدانة من عدمه.
ورغم أن قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 الصادر سنة 1950 وتعديلاته المتلاحقة وصولًا إلى تعديلات عام 2006 وعام 2013 عقب ثورة 30 يونيو استدعت إجراءات احترازية أكبر لمواجهة الأعمال الإرهابية التي كادت تعصف بالبلاد حينها، فقد أخذت الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من الدول الغربية المتشدقة بالحريات في كيل الانتقادات للدولة المصرية وترديد مزاعم كشفت الدولة زيفها من خلال الأحكام القضائية والقرائن والأدلة القانونية التي قُدِّم المتهمون للمحاكمات استنادًا إليها.
ورغم صدور أحكام بالحبس تجاه آلاف المدانين؛ إلا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أصدر عشرات القرارات الجمهورية بموجب صلاحيته الرئاسية بالعفو عن باقي العقوبة أو كلها للمدانين الذين تأمل الدولة في تقويم سلوكهم بشكل طوعي، وهي قرارات بذاتها تُدلِّل على أن الدولة المصرية والنظام الحكام هدفه هو التأهيل والإصلاح وليس قمع الحريات وفقًا للمزاعم الغربية.
ولعل رسالة الرئيس السيسي للداخل المصري والعالم هي أن مصر الآن باتت تعيش أمانًا دائمًا يسمح لها بالحد من القوانين الاحترازية وهي رسالة أيضًا بأن الحريات تأتي على رأس اهتمامات الرئيس تحت مظلة حماية الوطن، وهو امر يرد تقارير مغرضة تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية للنيل من الدولة المصرية والزعم بانتهاكها ملف الحريات.
وقبل أيام أصدر المحامي العام الأول لنيابات أمن الدولة العليا قرارًا بالإفراج عن 151 محبوسًا احتياطيًا كانوا يخضعون للتحقيق؛ وهو ما يشير إلى ترسيخ مبدأ الحريات مع تعهد ذويهم بمتابعة العمل على إعادة تأهيلهم للعودة إلى الطريق القويم.
دلالات تعديل قانون الحبس الاحتياطي
وللتعقيب على هذا الموضوع تواصلنا في «العرب 24» مع اللواء عادل العمدة المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، والذي أكد أن الدولة المصرية بتوجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي نحو تعديل قانون الحبس الاحتياطي وتقليص المدد الخاصة به ترسخ لمفهوم العدالة الاجتماعية وهو أحد أهداف ثورة 30 يونيو وضمن أهداف وعود الرئيس السيسي في بيان 3 يوليو واستندادًا على دستور 2014 ومطلبات الأمن القومي وخطة التنمية المستدامة للدولة المصرية 2030.
وأردف العمدة: تعديل قانون الحبس الاحتياطي جاء استنادًا لمخرجات الحوار الوطني، وكذا مرتكزًا على رؤية الدولة المصرية للتنمية المستدامة، وخارطة طريق 3 يوليو التي أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى جانب تحقيق بنود الدستور المصري، وهي كلها تعد نجاحات للدولة المصرية في ترسيخ العدالة المجتمعية الشاملة، من منطلق رؤية المشكلة وتحديد العلاج والإرادة الحديدية لتحقيق الحلول للنهوض بالمجتمع المصري.
3 أشهر وتعويض
ولفت المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، إلى أن المجتمع المصري الآن أضحى ينافس العالم وفق قوانين وآليات حقوق الإنسان والجمهورية الجديدة، لافتًا إلى أن الإجراءات الاحترازية بالحبس الاحتياطي تأتي دائمًا للحفاظ على أركان الدولة، ومع ذلك فإن تعديلات قانون الحبس الاحتياطي ستحد من مدده لتصل إلى 3 أشهر كحد أقصى بدلًا من عامين، إلى جانب إتاحة تعويض من لم تثبت إدانته في القضايا المسندة إليه، وهو عين العدالة الاجتماعية التي تنشدها الدولة.
وأشار، إلى أن ما تلى ثورة 30 يونيو كانت ظروفًا استثنائية لتثبيت أركان الدولة؛ بينما الآن تجاوزت الدولة تلك الظروف وبدأت في تحقيق كافة الضمانات والتسهيل في باب الحريات وهي رسالة للخارج تؤكد أن الدولة المصرية تحمل على عاتقها تحقيق كافة ضمانات وحقوق الإنسان، وفق تشريعاتها الداخلية، والقوانين الدولية.
ووجه العمدة، رسالة إلى الدول الغربية التي تتشدق بعضها بنقد أوضاع حقوق الإنسان في الدول العربية وخاصة الدولة المصرية، قائلًا: نتمنى أن تحذوا حذوها الدول المتقدمة في مجال حقوق الإنسان ولدينا دول عظمى تنتقد حقوق الإنسان في العالم العربي بينما هي ذاتها تخالف القانون والحريات وتعتقل المديرين للتطبيقات المهمة مثل اعتقال مدير ومؤسس تطبيق (تليجرام) في فرنسا لإجباره على إفشاء بيانات المستخدمين المحمية بموجب قوانين حقوق الإنسان في إجراء المحادثات الخاصة دون مراقبة أو تسريب.
اعتقال مؤسس تليجرام
وأصدرت السلطات الفرنسية مذكرة اعتقال بحق "بافيل دوروف" مؤسس تطبيق تليجرام يوم الأحد الموافق 25 أغسطس، بتهم مزعومة تتعلق بتطبيق المراسلة الخاص به، بما في ذلك الاحتيال وتهريب المخدرات والتسلط عبر الإنترنت والجريمة المنظمة والترويج للإرهاب.
وفي منشوره، قال "دوروف" أيضا: "أن عنوان تطبيق "الجنة الفوضوية" ليس صحيحا، وذكر أن تيليجرام ليس مثاليا، ولكن الادعاءات في بعض وسائل الإعلام بأن تيليجرام مرتعا للفوضى غير صحيحة على الإطلاق".
وأردف: "نحن نزيل ملايين المنشورات والقنوات الضارة كل يوم، وننشر تقارير الشفافية اليومية، ولدينا خطوط ساخنة مباشرة تقوم مع المنظمات غير الحكومية بمعالجة طلبات الاعتدال العاجلة بشكل أسرع، ووجدت الأمر غريبًا في الطريقة التي تواصلت بها السلطات الفرنسية معي، حيث كان لدى السلطات الفرنسية طرق عديدة للتواصل معي لطلب المساعدة، كمواطن فرنسي، فقد كنت ضيفًا متكررًا على القنصلية الفرنسية في دبي".
وأضاف: "منذ فترة، عندما طُلب مني ذلك، ساعدتهم شخصيا في إنشاء خط ساخن مع تيليجرام للتعامل مع هذه الأمور، إذا كانت دولة ما غير راضية عن خدمة الإنترنت، فإن القاعدة الحالية هي بدء إجراءات قانونية ضد الخدمة نفسها، إن استخدام قوانين عصر ما قبل الهاتف الذكي لاتهام الرئيس التنفيذي بارتكاب جرائم ارتكبتها أطراف ثالثة على المنصة التي يديرها هو نهج مضلل".