جنود ميانمار يعترفون بقتل جماعي وجرائم إبادة ضد مسلمي الروهينغا
نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية شهادة جنديين من ميانمار أدليا بها عبر الفيديو، اعترفا فيها بالمجازر التي ارتكبها جيش ميانمار بحق أقلية الروهينغا المسلمة، ومحاولته إبادتها تماماً. ووفقاً للتقرير، كشف الجنديان عن ضلوعهما في عمليات إعدام جماعية، دفن جثث في قبور جماعية، ومحو قرى بأكملها من الوجود، بالإضافة إلى عمليات اغتصاب.
الجندي مايو وين تون ذكر في شهادته أنه تلقى أوامر في أغسطس 2017 بقتل أي شخص يراه، مما أدى إلى مذبحة قُتل فيها 30 من الروهينغا ودفنوا في قبر جماعي بالقرب من قاعدة عسكرية. من جهته، قال الجندي زاو ناينغ تون إنه ورفاقه قتلوا "كل من يرونه" بما في ذلك الأطفال والرجال، وأبادوا نحو 20 قرية، حيث ألقوا بالجثث في قبور جماعية.
وتعتبر هذه الاعترافات الأولى من نوعها لأفراد من القوات المسلحة لميانمار، والتي تعرف رسمياً باسم "تاتماداو"، ويمثلون جزءاً من ما يصفه مسؤولو الأمم المتحدة بـ"حملة إبادة جماعية". الجنديان، اللذان تمكنا من الفرار الشهر الماضي، نُقلا مؤخراً إلى لاهاي حيث فتحت المحكمة الجنائية الدولية قضية للتحقق من ارتكاب الجرائم من قبل قادة الجيش.
تشير الأدلة إلى أن الجرائم التي وصفها الجنديان تتطابق مع انتهاكات حقوق الإنسان التي جمعتها المنظمات الدولية من لاجئي الروهينغا. حكومة ميانمار كانت قد نفت وجود مقابر جماعية، ولكن الشهادات الجديدة من الجنديين تعزز من تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية والإجراءات القانونية الأخرى.
تستمر الأدلة في الإشارة إلى حملة منسقة ومدروسة ضد الروهينغا، حيث قدرت منظمة أطباء بلا حدود أن 6700 من الروهينغا - بينهم 730 طفلاً - لقوا حتفهم بأساليب عنيفة بين أغسطس وسبتمبر 2017. بينما تقول الأمم المتحدة إن حوالي 200 مستوطنة للروهينغا تم محوها تماماً من الوجود بين عامي 2017 و2019.
تطابق الشهادات مع أدلة أخرى
تؤكد شهادة الجنديين التطابق مع ما ورد على لسان عشرات الشهود والمراقبين واللاجئين الروهينغا، بالإضافة إلى المعلومات التي جمعها الجنود الحكوميون والسياسيون المحليون. القرويون المحليون أكدوا معرفتهم بأماكن وجود المقابر الجماعية المذكورة في الشهادات، مما يشكل دليلاً مهماً في التحقيقات الجارية.
ردود فعل الحكومة والتنظيمات الدولية
على الرغم من ذلك، تواصل حكومة ميانمار نفيها القاطع لأي وجود لمقابر جماعية في ولاية راخين، بينما تسعى المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة وأطباء بلا حدود للضغط على السلطات الدولية لتأمين العدالة للضحايا. إن الجرائم التي يرتكبها الجيش تشكل جزءاً من حملة طويلة ضد الروهينغا، حيث قدرت نيويورك تايمز أن الكتائب والقوات الأمنية قتلت نحو 150 مدنياً ودمرت عشرات القرى.
هذه الجرائم تمثل عملية إبادة منسقة تهدف إلى القضاء على الأقلية الروهينغية، مما يستدعي تحقيقاً دولياً دقيقاً ومحاسبة المسؤولين عن هذه الفظائع.
إجراءات التحقيق والتداعيات الدولية
بالتزامن مع التحقيقات التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية، تواصل المنظمات الإنسانية والدولية جمع الأدلة والشهادات لدعم قضية الروهينغا. تسعى المحكمة إلى تحديد المسؤولين عن الجرائم وتقديمهم للعدالة، بينما تظل جهود الإغاثة مستمرة لتقديم المساعدة للنازحين والضحايا في بنغلاديش وغيرها من الدول المضيفة.
مستقبل الروهينغا والضغوط الدولية
مع تزايد الضغط الدولي، يواجه المجتمع الدولي تحديات كبيرة في محاسبة قادة الجيش وتحقيق العدالة للروهينغا. تستمر المجتمعات الدولية في دعوة ميانمار للتعاون مع التحقيقات وإيقاف الانتهاكات، بينما يحاول الروهينغا النازحون بناء حياة جديدة في المنفى. تبقى الأزمة مفتوحة على كافة الاحتمالات، وتتطلب جهوداً منسقة لضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم وحماية حقوق الإنسان في المستقبل.