حرب غزة.. صمود الفلسطينيين في وجه الدمار يشعل أيقونة التحرر الوطني حول العالم
يعاني نحو مليوني فلسطيني في قطاع غزة الجوع الوعطش والقتل والدمار؛ جراء العدوان الإسرائيلي الغاشم على القطاع المحاصر منذ 20 عامًا، فلم تعد مدينة غزة الصغيرة، حاضرة البحر في جنوب فلسطين، مدينةً مغمورة، لا يعرفها سوى الساسة والمهتمين بالجغرافيا، بل أضحت حديث العالم الآن.
تنتفض الملايين في شتى مدن وعواصم العالم تأييدًا ومساندة، ونصرةً ومساعدة، للتظاهر تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي الهمجي على القطاع المكتظ بالسكان.
تحولت مدينة غزة خلال الشهور الثمانية الماضية إلى أعظم المدن في التاريخ، ثورةً ومقاومة، وتمردًا وانتفاضة بوجه المحتل الغاشم، الذي يمتلك مئات المليارات من الأسلحة الأمريكية والأوروبية يلقيها في شكل أطنان من المتفجرات على الحجر والبشر في كافة أرجاء القطاع.
وأدت حرب غزة المشتعلة منذ السابع من أكتوبر الماضي، إلى استشهاد أكثر من 40 ألف فلسطيني أكثر من نصفهم من الأطفال، والنصف الآخر من النساء والشباب والشيوخ، إلى جانب إصابة أكثر من 100 ألف فلسطيني جراء إلقاء الاحتلال الإسرائيلي نحو 4 قنابل نووية تعدل تلك التي ألقيت على مدينتي نجازاكي وهيروشيما من قبل الجيش الأمريكي.
ويكتب الشعب الفلسطيني في قطاع غزة اليوم تاريخه المشرف بمدادٍ من دمٍ، ويسطر صفحة الوطن والانتماء والشهادة والأمل في كتاب الخلود، ويسجل اسم غزة العزة في سجل المجد، وصحائف الخالدين.
تكتب غزة وشعبها الآن تاريخ الفخر للعرب والمسلمين حول العالم، فنضال شعبها فاق نضال الروس في مدينة ستالينغراد، فأضحت خنادقها وأنفاقها تساوى تلك المدينة الروسية التي أظهرت بسالة في صد الهجوم النازي إبان الحرب العالمية الثانية.
صنعت غزة من الضعف قوة، ومن النور نسجت العزة، ومن الألم غزلت الكرامة، ومن الجوع خاطت سترة الفخار، ودقت درعها من الفقر دقًا، وجعلت من ركام ودانات المدافع والصواريخ الصهيونية سلاحها الذي قطفت به رؤوس الطغاة، فأصبحت أشهر مدينة نضالية للتحرر الوطني في عصرنا الحالي.
أطفال غزة سبقوا الرجال فداءً لوطنهم بالأرواح فنثروا دماءهم الزكية تروي تراب غزة الأبية، ونساؤها أصبحت خنساوات يحرضن الرجال، ولا ينتحبن أمام مرارة الفقد، ولا يشققن الجيوب ويضربن الخدود مخافة الموت، فتسمع أصواتهن وهن يهتفن: القدس مهرها غالي القدي مهرها الدم.
عاشت غزة أبية عزيزية بعز أبنائها، وانتقم الله ممن خذل أهلها وتركهم فريصة الموت والدمار على يد المحتل الجبان، ولا نملك إلا الدعاء: (حسبنا الله ونعم الوكيل).