اكتشافات بترولية.. هل ستتحول مصر إلى عملاق طاقة عالمي؟
تسعى مصر إلى تعزيز قطاع الطاقة لديها من خلال استكشاف حقول نفطية جديدة، وهو ما قد يسهم في استنهاض الاقتصاد المصري. في هذا السياق، تم اكتشاف حقل نفطي جديد في خليج السويس من قبل وزارة البترول المصرية وشركة شيرون. البئر المكتشف، المعروف باسم "جي إن إن 11"، ينتج حالياً أكثر من 2500 برميل يومياً، وهو الرابع ضمن خطة الاستكشاف الحالية التي تتضمن أيضاً حفر ثلاث آبار إضافية.
لقد أولت مصر اهتماماً كبيراً بقطاع الطاقة في السنوات الأخيرة، حيث سعت لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية وزيادة الإنتاج المحلي لتقليل الاستيراد وتوفير الوقود للسوق المحلية. هناك ثلاثة أنواع رئيسية من النفط في مصر: الخام الخفيف والحلو في الصحراء الغربية، والخام المتوسط والحامض في خليج السويس وبلعيم البحرية. يتم تكرير النوعين الأخيرين محلياً، وبلغت احتياطات مصر من النفط حتى نهاية عام 2023 حوالي 3.5 مليارات برميل، مما يجعلها في المرتبة الخامسة إفريقيا بعد ليبيا ونيجيريا والجزائر والسودان، وكذلك في المرتبة الخامسة من حيث الإنتاج على مستوى القارة، إذ تنتج نحو 582 ألف برميل يومياً.
على الرغم من ذلك، فإن هذا الإنتاج لا يواكب الطموحات الكبيرة لقطاع البترول المصري. تسعى مصر إلى تحقيق اكتشافات كبيرة بانتاجية عالية لتلبية احتياجات معامل التكرير المصرية التي تستهدف حالياً تكرير حوالي 800,000 برميل في اليوم. حالياً، ينتج قطاع البترول المصري حوالي 500,000 برميل يومياً، شاملة المتكثفات وسوائل الغاز.
في إطار تعزيز التعاون الدولي، تعمل مصر على تقوية علاقاتها مع الدول والشركات العالمية في قطاع النفط والغاز. وقد تم توقيع مذكرة تفاهم مع الإمارات للاستفادة من تجربة منطقة الفجيرة البترولية وتطبيقها على ميناء الحمرا على البحر المتوسط، بهدف تعزيز قدرات مصر التصديرية وتحقيق الطموح في أن تصبح مركزاً إقليمياً للطاقة. بالإضافة إلى ذلك، أعلنت مصر عن جولة مزايدات دولية لعام 2024 من خلال شركة إيجاس، تستهدف استكشاف الغاز الطبيعي والنفط الخام في 12 منطقة بحرية في البحر المتوسط ودلتا النيل، لجذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة الإنتاج المحلي.
يبقى التساؤل حول مدى تأثير النفط في جعل مصر ضمن نادي المنتجين المؤثرين، إذ يظل هذا موضوعاً للنقاش بين الخبراء. حتى الآن، لا يبدو أن هذا الاكتشاف له تأثير كبير على سوق النفط العالمي أو في المنطقة، وذلك بسبب ضعف إنتاجيته مقارنة بإنتاج الحقول الكبيرة. كما أن اكتشافات أخرى وتنمية بعض الحقول لا تجعل مصر في منافسة حقيقية مع دول الخليج، حيث تستورد مصر حالياً النفط من السعودية والكويت والعراق باتفاقات طويلة الأمد. لذا، يتعين النظر إلى الاكتشافات النفطية في مصر بعقل مفتوح حول مدى تأثيرها على الاقتصاد المصري على المدى البعيد، وكيف يمكن أن تسهم في حل مشكلة الطاقة المزمنة التي تعاني منها البلاد.